سجال حاد بين الأردن وإسرائيل ودخيتر يشبه حرب غزة بـ "أيلول الأسود"
نشب سجال حاد بين الأردن وإسرائيل بعد إصرار بعض البرلمانيين الأردنيين على تقديم دعوى إلى المحكمة الجنائية الدولية ضد دولة الاحتلال لمحاكمة مسئولين وقادة عسكريين إسرائيليين بتهمة ارتكاب جرائم حرب خلال العدوان الأخير على قطاع غزة والذي بدأ في الـ 27 من ديسمبر واستمر 22 يوما وأسفر عن استشهاد وجرح آلاف الفلسطينيين بالاضافة إلى تدمير البنية التحتية في قطاع غزة
وتتضمن الدعوى الاردنية ضد قادة الاحتلال إرتكاب جرائم حرب فى قطاع غزة وطرد السكان وهدم المنازل واستهداف دور العبادة والمدارس والمستشفيات و سيارات الإسعاف.
كما تتضمن لائحة الإتهام قائمة بأسماء سياسيين وقاده عسكريين اسرائيلين من بينهم رئيس الوزراء إيهود أولمرت ووزير الدفاع ايهود باراك ووزيرة الخارجية تسيبى ليفنى ووزير الأمن الداخلى آفى ديختر ورئيس هيئة أركان الجيش جابى أشكنازى.
ومن المقرر ان يتوجه رئيس اللجنة القانونية في مجلس النواب الأردني مبارك أبو يامين إلى لاهاي للقاء المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية وتقديم الدعوى التي تتهم قياديين إسرائيليين بارتكاب جرائم أثناء حربهم على غزة.
وحظيت الدعوى بتأييد مجلس النواب الأردني بالاجماع والمركز الوطني لحقوق الإنسان ولجان قانونية لمنظمات شعبية في الأردن, وهي المرة الأولى التي يقدم فيها الأردن دعوى إلى محكمة دولية ضد إسرائيل منذ توقيع اتفاقية وادي عربة بين البلدين عام 1994.
وذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية إن هذه الدعوى لم تكن لترفع لولا الموافقة الصامتة من جهات "جهات عليا" في الأردن، على حد ما ذكرت الصحيفة.
وكان لافتا أن الخبر الذي نشرته الصحيفة الإسرائيلية ترافق مع الحديث عن غضب يسود أوساط سياسية في الدولة العبرية بسبب توجه الأردن لمحاكمة مسؤولين كبار في الحكومة الإسرائيلية.
هجوم إسرائيلي
فقد هاجم وزير الأمن الداخلى الإسرائيلى آفى ديختر الأردن محملآ إياها المسئولية عن مقتل نحو عشرة آلاف فلسطينى ابان احداث أيلول/ سبتمبر الأسود 1970، ورد عليه العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بتصريحات نارية هاجم فيها الدولة العبرية وحذرها من مغبة عدم إنهاء الصراع على أساس حل الدولتين.
ونقلت صحيفة "يديعوت احرونوت" العبرية الإسرائيلية عن ديختر قوله " ليست الأردن من سوف تعلمنا أخلاقيات الحرب والقتال ".
كما شن مسؤولون إسرائيليون آخرون هجوما على الأردن ووصفوا الدعوى أمام المحكمة الجنائية الدولية بـ "السخيفة"، واتهموا الأردن بـ "النفاق".
ووصف المتحدث باسم الخارجية الإسرائيلية يغيئال يلمور الدعوى بأنها عمل دعائي صرف سيتبدد في نهاية المطاف, مشيرا إلى أن لا قواعد قانونية لها، على حدّ قوله.
وقال يلمور إن هذه الدعوى الأردنية "سخيفة " و"مثيرة للسخرية" وهي تستند إلى مقاطع من الصحف تم جمعها من من نشرات حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الدعائية, كما تقوم على مقاطع تلفزيونية مروعة بثتها قناة الجزيرة.
في الأثناء، حذر مسئولون إسرائيليون من مغبة الإندفاع نحو مثل هذه التصريحات التى خرج بها ديختر والتى قد تتسبب فى " تكدير الأجواء " بين الدولتين.
ووصف وزير الداخلية الاسرائيلى الأسبق شلومو بن عامى تلك التصريحات بأنها متسرعة وغير متزنة.
وأضاف" لا يجب علينا التورط فى حرب كلامية لدينا ما يكفى من أعداء بالمجتمع الدولى لذا يتوجب علينا الحفاظ على علاقات مقبوله مع الدول التى نعيش بينها "، وانتقد تصريحات ديختر قائلآ " لا ينبغى أن يعرب أى وزير عن آ راءه فيما يتعلق بالشئون الخارجية فهى مهمة وزير الخارجية أو رئيس الوزراء.
وشن بن عامي هجوما على ديختر، وقال إن ديختر مريض من بين مرضى السياسة فى إسرائيل، كل جنرال اسرائيلى يعتبر نفسه سياسيآ محنكآ، كان يجب ترك مهمة الرد عهدة فى يد وزيرة الخارجية فهذا هو عملها ".
تصريحات نارية للعاهل الأردني
وكان العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني عبر في تصريحات له الاثنين عن تفاؤله بمستقبل الأردن، مؤكدا ان الدولة اليهودية هي من تعيش تحت الضغط، مبينا ان الجميع يعلم بأن الأردن يتمتع بقوة وإمكانيات كبيرة.
وقال ملك الأردن "أنا متفائل جداً على مستقبل بلدنا... ومش خايف من المؤامرات... إحنا عارفين قوة الأردن وإمكانيات الأردن.. التخوف بيكون من الشكوك داخل المجتمع الأردني.. هذا اللي بيخوفنا أكثر من أي شيء ثاني.. إذن إحنا بنشتغل بروح الفريق الواحد وبنأخذ موقف قوي بالنسبة للأردن.. ما في تخوف".
وأضاف "ان عدم إنهاء الصراع على أساس حل الدولتين يهدد إسرائيل" مبينا ان عدد العرب في "إسرائيل" سيصل الى 50 بالمائة من سكانها خلال أعوام وبالتالي فان "الدولة اليهودية تحت الضغط اليوم وليس الدولة الهاشمية".
تصريحات عبد الله الثاني جاءت خلال اللقاء الذي جمعه بعدد من الشخصيات تضمن بحسب سياسيين رسائل بالغة الأهمية تؤكد ان العاهل الأردني مع الحلول التي تحفظ امن واستقرار وحقوق الشعب الفلسطيني باعتبار أن حل قضيتهم وفقا للشرعية والعدالة الدولية هي الكفالة الأساسية في تحقيق امن المنطقة واستقرارها.
في غضون ذلك، اعتبر مراقبون أردنيون ان إشارة العاهل الأردني في أكثر من مرة الى ضرورة إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي بآفاق دولة فلسطينية الى جانب دولة الكيان الصهيوني وتعنت قيادات الكيان المزعوم دفع بالأردن الى تغيير الخطاب السياسي بما يكشف تعنت قيادة الكيان الإسرائيلي وضربه عرض الحائط بمشاريع السلام العربية المطروحة.
ونقلت صحيفة "الحقيقة الدولية" الأردنية عن سياسيين قولهم: إن الخطابات الأخيرة للعاهل الأردني والتي باتت أكثر حدة، حملت إشارات قوية للكيان الصهيوني بان الأردن ليس دولة كرتونية وإنما أقوى من كافة حسابات الآخرين وأنها عصية على كل المؤامرات.
ولفت السياسيون الى ان الرسالة الأكثر أهمية هي تلك التي بعث بها عبد الله الثاني للإسرائيليين الذين انتخبوا قوى التطرف بأنه يتوجب عليهم ان يدركوا أنهم سيكونون في موقف لا يحسدون عليه.
من جانبه، أشار النائب الأردني محمود الخرابشة في تعقيبه على تصريحات عبد الله الثاني، إلى ان الملك أكد أن الأردن قوي في مواجهة كل التحديات وان ما ارتكبه الصهاينة بحق أهلنا العزل في غزة لم يكن لصالح الصهاينة بل جريمة تعريهم أمام العالم وتثبت بأنهم عصابات تمارس القتل والإرهاب ولا تراعي الشرعية الدولية.
واعتبر الخرابشة الوطن البديل مخططات صهيونية آثمة وان كثرة الحديث عنها لا يخيفنا وان الحديث عن بدء تنفيذها هي محض إشاعات مؤكدا ان الأردن درع حصين وعرين هاشمي عصي على كل المؤامرات والتحديات.
ولفت الى عاهل الأردن وجه بكلامه نصيحة بالغة الأهمية "لإسرائيل" يتوجب عليها ان أرادت مصلحتها وأمنها واستقرارها ان تستجيب للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وإلا ستبقى رهن الضغط عليها الذي سيؤدي الى زوالها.
بدوره، شدد النائب الدكتور محمد أبو هديب على أهمية ان يفضح العرب جرائم إسرائيل بحق غزة إضافة الى فضح برامجها التي أعلنتها إبان حملتها الانتخابية باعتبار ذلك سلاحا يجب استخدامه للدفع باتجاه ترجمة الحقوق المشروعة لشعبنا الفلسطيني.
ويرى أبو هديب ان كافة الإجراءات التي يقوم بها العرب لفضح الإجرام الصهيوني ستعرض ذلك الكيان لضغط دولي لإجباره على الاستجابة للحقوق المشروعة للفلسطينيين خاصة في ظل الإجماع العربي المتمثل بالمبادرة العربية.