رجل بأمة
هذا المقعد الذي قاد أمة الأصحاء، فكان يمشي مرفوع الرأس عظيمًا كالجبل وخلفه الملايين وهم أصحاء، كان الشيخ أمة بأسرها سكنت جسد رجل واحد، وكان في قلبه ألف آلة حربية زلزلت الأرض من تحت أرجل الأعداء، ولاحقت حركته الطائرات، وتأهبت لقذفه الصواريخ!!.
وتحققت أمنية الشيخ وهو القائل: "لن يضر حماس أو أحمد ياسين أن أسقط شهيدًا فهي أغلى ما نتمنى"، وتحوَّل أحمد ياسين إلى اسم لا يموت، وإلى طريق بدأ ولن ينتهي!.
وباستشهاده وقَّع الصهاينة على مشروع إزالة كيانهم وهم لا يدرون، والذي بدت ملامحه بوزارة حماس المنتخبة من الشعب الفلسطيني، وصمود المقاومة أمام العسكرية المجرمة في عدوان غزة، والدور الجديد الذي ينتظر تحرير فلسطين بإذن الله تعالى.
وبقي فكر الشهيد
هذه الرأس التي حوت فكر القوة في زمن الاستسلام، هذه الرأس التي انطلقت بقوة الفكر فكانت شامخةً دائمًا منتصرةً، فمن كان على حق وإن مات فقد انتصر.
يقول أحد العاملين في مستشفى الشفاء حيث نقل جثمان الشهيد: "لم يبق شيءٌ من جسده سوى رأسه".
فيا مَن تحملون أجسادكم وجعلتموها سجونًا وقيودًا وأغلالاً، هناك ما هو أغلى من الجسد، يقول أحد المصلين: "إن الشيخ ياسين كان يقصد الشهادة ونال ما تمناه، لقد قال لي: لا أخشى الشهادة بل أحب الشهادة حين يريدوني سيجدونني في مقعدي المتحرك أنا لا أختبئ".
وكأنَّ لسان حاله يقول: "إن الروح إذا سمت فعلت الأفاعيل، ولو كانت قعيدة كرسي متحرك ولو كانت حبيسة شلل واضح".
خرج دماغه عن رأسه، وما زالت ابتسامته لا تفارق وجهه، فكأنما باغتياله قد نشروا فكر الجهاد والاستشهاد:
علو في الحياة وفي الممات بحق تلك إحدى المعجزات
فانتصر الرجل رغم هزيمة الأمة، وحق لنا أن نقول عنه: كان وحده أمة!!
وإذا تحركت الرجال رأيت أفعال الرجال